السمرى اون لاين

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
السمرى اون لاين منتدى شامل جامع لكل ما تبحث عنه فاحرص على الاشتراك والتسجيل فيه وتزويده بمواضيع قيمة

المواضيع الأخيرة

» farabi language school
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالأربعاء يونيو 15, 2011 10:49 pm من طرف farabi language school

» حصريا المتصفح الاكثر استخداما فى العالم بنسخته الجديدة Internet Explorer 10.0 Platform Preview 1 على اكثر من سيرفر
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 2:33 pm من طرف z_e_z_o ali

» برنامج الستاند اب كوميدى " بنى آدم شو " الموسم الثانى - الحلقة الأولى
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 2:25 pm من طرف z_e_z_o ali

» رسالة طالب ثانوى علمي لحبيبته
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 2:18 pm من طرف z_e_z_o ali

» طفل يعرب كلمة "غزة "اعرابا تدمع له العين,,
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 2:17 pm من طرف z_e_z_o ali

» ماجد القلعى و البرنامج الكوميدى و تقليد المشاهير " لخبطة " متجدد يوميا على عدة سيرفرات
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالإثنين أبريل 18, 2011 2:14 pm من طرف z_e_z_o ali

» فضل شاكر واغنية بنسى العالم
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالخميس سبتمبر 16, 2010 3:43 pm من طرف Admin

» حسين الجاسمى واغنية مسلسل اهل كايرو
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالخميس سبتمبر 16, 2010 3:38 pm من طرف Admin

» اغنية ادم فى مسلسل العار
الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Icon_minitimeالخميس سبتمبر 16, 2010 3:33 pm من طرف Admin

التبادل الاعلاني

احداث منتدى مجاني

2 مشترك

    الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام

    avatar
    Admn


    ذكر عدد المساهمات : 39
    تاريخ التسجيل : 01/09/2010
    العمر : 76

    الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Empty الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام

    مُساهمة من طرف Admn الجمعة سبتمبر 03, 2010 10:39 pm








    الحركة الإسلامية في مجالها الدعوّي
    الامتداد الأفقي

    لا بد للحركة الإسلامية أن تسعى سعياً حثيثا, لتمد أشعتها إلى كل شرائح المجتمع وطبقاته, وأن تمتد أفقيا عن طريق تغذية الصحوة الإسلامية العامة حتى لا يبقى ركن في الحياة الاجتماعية إلا وصل إليه صوت الحركة, ويلغّته رسالتها, وكان لها فيه جنود وأبناء ووراءهم أضعافهم من الأنصار والمؤيدين والمساندين. و(إنما يتم ذلك عن طريق عمل دعوي وإعلامي, مخطط منظم يستفيد من وسائل العصر، وإمكانات العلم, وتكنولوجيا الإعلام الحديث, ويقتبس من أدوات الغربوالشرق كل ما يخدم دعوته, ويحقق هدفه، "والكلمة الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها".
    ولا بد للحركة أن تستعين بفنيّين متخصصين في مخاطبة العامة والخاصة, والاستفادة من علوم النفس والاجتماع والسياسة والإعلام, وتجنيدها لخدمة أهداف الحركة ورسالة الإسلام. بل لا بد للحركة أن تخطط من اليوم لإعداد دعاة معاصرين، وإعلاميين مؤمنين بسم ودعوة الإسلام وشمولها وعالميتها وتوازنها، قادرين على أن يبلغوها إلى الناس بلغة العصر، ومنطق العلم. وسنتحدث في الصحائف التالية عن أهم الشرائح الاجتماعية التي يحب أن تمتد إليها الصحوة، ومن ورائها الحركة، من المثقفين إلى العمال إلى التجار إلى غيرهم.





    الحركة الإسلامية والنخبة المثقفة

    أول الشرائح التي يجب أن تتغلغل فيها الحرمة وتؤثر فيها تأثيراً بيناً، هي النخبةالمثقفة، بحيث تستقيم فكرتها عن الإسلام، عقيدته وشريعته وحضارته و تاريخه وعن الحركة الإسلامية وأهدافها وإنجازاتها.

    سوء فهم كثير من المثقفين للإسلام:

    فرغم انتشار الصحوة بين المثقفين من الشباب، فلا زالت مجموعات كبيرة تجهل الإسلام وتفهمه فهماً مبتورا، و مشوشاً، ومشوهاً. نتيجة للرواسب القديمة من عصور التخلف، أو المشوهات الجديدة من آثار الغزو الفكري. ما زال بعضهم- رغم ثقافته الجامعية- يؤمن بالخرافات ويتسلم للمشعوذين ويدخل عليه الشرك في عقيدته، والابتداع في عبادته، والاضطراب في سلوكه. وهو يحسب أنه متدين. ما زال بعض المثقفين يطوفون بأضرحة الأولياء، كأنها الكعبة، ويستغيثون بالمقبورين، ويعلّقون التمائم، ويؤمنون بتحضير الأرواح، ويحلفون بغير الله وينذرون لغير الله ويذبحون لغير الله.
    وهؤلاء-وإن كانوا قلة نسبية بحكم طغيان الموجة المادية، والغزوة الفكرية الغربية - لا زال لهم وجود, بحكم تأثير الصوفية المنحرفة، والتي لا يزال لها قوة ونفوذ في أقطار المسلمين، وتسندهاً-علنا ومن وراء ستار- السلطات الرسمية، لأسباب لا تخفى على اللبيب؟.والواجب أن يعرف هؤلاء مقوّمات العقيدة السليمة، والعبادة المقبولة عند الله.
    وما زال بعض المثقفين يجهل عناصر الخلود، وجوانب القوة والعظمة في الإسلام فلا يكاد يعرف شيئاً من خصائصه أو مقوماته. وهو يأخذ الإسلام من المستشرقين والمبشرين, أو يأخذه من واقع المسلمين. فهو يظن أن ما عليه الناس من حوله هو الإسلام، فيحمل تأخر الناس وفسادهم وجهلهم على الإسلام، والإسلام من هذا كله براء.
    والواجب أن يعرف هؤلاء من أين يؤخذ الإسلام،وما مصادره التي تستقى منها تعاليمه، وأن الإسلام حجة على المسلمين, والمسلمون ليسوا حجة على الإسلام. وما زال بعض هؤلاء يظن أنه يمكن أن يكون مسلماً متديناً حقا، وهو يقبل الحكم بغير شريعة الإسلام، يرضى أن يعيش في ظل دولة توجيهاتها غير إسلامية، وأنظمتها غير إسلامية.
    والواجب أن يعرف هؤلاء أن الإسلام عقيدة وشريعة، وأن الله لم ينزل كتابه ليقرأ على الأموات، بل ليحكم الأحياء (إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله). وأن من لم يحكم بما أنزل الله فهو مدموغ بالكفر أو الظلم أو الفسوق أو بها جميعا. ما زال بعض المثقفين يتوهم أن الإسلام صورة من النصرانية، والنصرانية تقبل أن يقسم الإنسان وأن تشطر الحياة بين الله وقيصر، (أعط لقيصر ما لقيصر وما لله لله).
    فهو يحصر الإسلام في العلاقة بين المرء وربه, وهي علاقة خاصة مكانها الضمير فإذا تجاوزته فإلى المسجد لا تعدوه. أما الحياة ونظمها، والثقافة وتياراتها، والتعليم ومناهجه، والاقتصاد وتطبيقاته، والقانون وعقوباته، فما للدين ولهذه الأمور؟ وأكثر من ذلك أن ترى أحدهم يدّعي الإسلام، وقد يفاخر بالانتماء إليه وقد يصلي أو يحج أو يعتمر. ومع هذا يدعو للفكر القومي العلماني، ويؤثر الرابطة القومية بصورة مطلقة على الرابطة الإسلامية، ويتخذ من الفكر الغربي موجهاً له، دون انتقاء ولا تمحيص فهو يأخذ برأي دارون في التطور، وبرأي فرويد في التحليل النفسي، وبرأي ماركس في التفسير المادي للتاريخ، وبرأي دوركهايم في تفسير نشأة الأديان، ولا يرى أن للإسلام موقفاً في شيء من ذلك. حتى قال أحدهم يوماً: أنا ماركسي مسلم؟ ولا أدري كيف يجتمعان؟ وما مصدر إلهامه وتفكيره إذن: القرآن أم (رأس المال) والبيان الشيوعي؟ ومن القدوة والحكم عند الاختلاف: محمد أم ماركس؟.
    وهل يقبل من إنسان أن يقول: أنا بوذي مسلم. أو مسيحي مسلم؟ فكيف يقبل منه أن يقول: أنا ماركسي مسلم؟‍ الآن الماركسية ليست ديناً، بل تحارب الدين كله، وتعتبره أفيون الشعوب. والأصل أن هذا يجعلها أولى بالرفض. فإذا لم يقبل الإسلام الاشتراك مع دين آخر - ولو كتابياً- فكيف يقبل الاشتراك مع عقيدة تجحد كل الأديان؟ على أن العقيدة الماركسية-وإن جحدت كل الأديان-تحمل طبيعة الدين الذي يفرض التجرد له, ولا يقبل الشركة فيه. فالماركسية فلسفة شمولية كاسحة, لا تدع بطبيعتها مكانا للإسلام ولا لغيره إلا أن يكون- عند التساهل والضرورة- مكان الذيل لا الرأس, والتابع لا المتبوع. وما زال بعض المثقفين يتصور أن ضعف المسلمين- السياسي وانهزامهم العسكري وتخلفهم الحضاري، وانحطاطهم في الميدان العلمي والتكنولوجي- راجع إلى دينهم وإن انتصار الغرب ونهوضه وتقدمه راجع إلى تحرره من ربقة الدين، وقيامه على الفكر العلماني, الذي يفصل الدولة عن الدين. والواجب أن يعرّف هؤلاء بحقائق الدين الأصيلة، مستقاة من منابعها الصافية من كتاب الله وسنة رسوله، كما فهمها أفضل قرون هذه الأمة من الصحابة والتابعين. وسيجدون حينئذ أن حقائق الإسلام إذا أحسن فهمها، وروعي حسن العمل بها، لا تؤتي إلا طيب الثمرات.
    فليس فيها إلا ما يحرر العقول، ويزكي الأنفس، ويشحذ العزائم، ويقوي الأبدان, ويبني الأسر على أمتن الدعائم، وينهض بالمجتمعات على أسس من العلم والإيمان ، والتكافل، ومكارم الأخلاق، ويقيم الحكومات على ركائز من العدل والشورى وتحكيم ما أنزل الله من الهدي والحق، ويهدي الإنسانية كلها إلى التي هي أقوم.
    كما يجب أن يعرف هؤلاء أن الذي يدرس تاريخ الإسلام ودوراته وتقلباته، وما فيه من انتصارات وهزائم, وانتعاشات ونكسات، وقوة وضعف، سيجد بوضوح أن الانتصار والازدهار والقوة والانتعاش تكون حيث يقترب المسلمون من الإسلام وقيمه وأحكامه بفضل خليفة أو قائد أو عالم، أو حركة. كما في عهد الخلفاء الراشدين قبل إيقاد نيران الفتن عليهم، وعهد عمر بن عبد العزيز، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد وعهد نور الدين محمود الشهيد، وصلاح الدين الأيوبي، وغيرهم.. أما الهزائم والنكسات وفترات الضعف والانحسار, فإنما تكون حيث يبتعد المسلمون عن حقيقة الإسلام، وعلى قدر بعدهم تكون مصيبتهم. ما زال بعض المثقفين يجهلون أشياء تعتبر بديهيّات الإسلام، حتى رأينا بعض من يكتبون منهم يتحدث عن صلب المسيح وكأنه حقيقة واقعة. وهو أمر مرفوض في الإسلام قطعيا.
    أو يتحدث عن حواء وإنها التي أغرت آدم بالأكل من الشجرة المحرمة، فكانت سبباً في طرده من الجنة. وتبعاً لذلك كانت سبباً لشقائنا ومكابدتنا في هذه الدنيا وهذه الفكرة مستقاة من التوراة وأسفار العهد القديم, ولا أساس لها في الإسلام. فآدم هو الذي أكل, وهو الذي خالف. ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً) (سورة طه:115), ( وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) (سورة طه : 121, 122). فآدم هو المسئول الأول, وزوجه إنما أكلت تبعاً له. ما زال كثير من المثقفين ينظر إلى الثقافة بمنظار غربي, فالرقص عندهم في مقدمة مقومات الثقافة، والشعب الذي لا يرقص شعب غير مثقف. وإذا قلت لهم: نحن عندنا رقص بالسيف والعصا، وبغيرهما- عندنا (العرضة) و (التحطيب ) و(الدبكة ) وغيرها من ألوان الرقص الشعبي المعروف في كل بلد، يمارسه الناس في المناسبات السارة كالأعراس والأعياد ونحوها ـ سخروا منك، لأنك لم تفهم المقصود من الرقص الذي لا مقصود غيره، هو: أن تراقص المرأة الرجل الأجنبي عنها، ويراقص الرجل المرأة الأجنبية عنه، وتتلامس الأجسام، وتتحرك القلوب، على نغمات الموسيقى، وإياك أن تظن سوءا، هؤلاء ليسوا مثلي ومثلك بشرا لهم غرائز وشهوات، بل هم أناس فوق مستوى الشبهات والشهوات , بل هم ملائكة يمشون على الأرض!
    أما فكرة (الحلال والحرام) وأن المسلم ليس حرا يفعل ما يشاء، بل هو يعمل في إطار حده الله له لا يجوز له اعتداء حدوده، (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) (سورة الطلاق: ا) فهذا كلام غريب لا يجد له صدى في أنفس أولئك المثقفين .

    كيف تتعامل الصحوة الإسلامية مع المثقفين:

    وعمل الصحوة مع المثقفين يأخذ طريقين : الطريق العلاجي، والطريق الوقائي . فالعلاجي يكون بتصحيح الأفهام الخاطئة عند المثقفين، وإقناعهم بالأدلة العلمية الموضوعية الهادئة، لا بالشتائم ولا المهاترات، ولا الأقوال الخطابية . ودلالتهم على المصادر الموثقة ليعرفوا منها ما يجب أن يعرفوه عن الإسلام:
    كتابه ورسوله وعقيدته وشريعته وتاريخه وحضارته. وهذا إنما يفيد في الغالب الشباب فمن لم تتمكن فيه العصبية لمبدأ يعتنقه أو نشأ عليه، ومن غلب عليه طلب الحق للحق. أما المتعصبون، والمنتفعون من التجارة بالتقدمية والتحررية واليمينية واليسارية وغيرها، فقلما يجدي معهم حوار، إلا من باب إقامة الحجة، وإبطال التعلة. والطريق الثاني : هو الطريق الوقائي. ونعني به وضع ثقافة صحيحة موثقة عن الإسلام، تجمع بين الدقة العلمية، والوضوح البياني، مهمتها إعطاء جرعات كافية في فهم الإسلام، وتصحيح المفاهيم التي شاع الخطأ في تصورها، والرد على الشبهات والمفتريات، دون إسهاب في سردها. والغرض من ذلك تحصين الشباب من سموم الأفكار الغازية. فهو بما حصل من ثقافة كأنما أصبح (مطعما) ضد الأوبئة الفكرية الزاحفة جهرة، أو المتسللة خفية. وينبغي أن نبعد عن هذه الساحة ـ ساحة النخبة ـ الوعاظ الشعبيين: وعاظ الجماهير، الذين لا يفهمون لغة العصر، ولا منطق المثقفين ولا يتعاملون إلا مع القلوب المؤمنة يلهبون حماسها لا مع العقول المتجردة التي قلما تقول: نعم، بل تسأل دائما: لم؟ وفيم؟ وكيف؟!! ومثل الوعاظ الشعبيين الكتاب الشعبيون أيضا، فأولئك يستثيرون العواطف باللسان، وهؤلاء يستثيرونها بالقلم، والقلم أحد اللسانين، كما قال العرب، وإن كان اللسان أقدر على الإثارة والتهييج لما للصوت ونبراته من تأثير، فإذا أضيف إليه المشاهدة كان أقوى. فهؤلاء وأولئك من الوعاظ والكتاب لهم أثرهم ونفعهم، بقدر ما لدى كل منهم من علم موثق، ولكن في محيط النخبة المثقفة، يكون ضررهم أكبر من نفعهم.





    الحركة الإسلامية وجماهير الشعب

    والعناية بالنخبة المثقفة لا يعني إهمال الجماهير، إذ لا تعارض بين الأمرين. ومن الخصائص الأساسية للحركة الإسلامية : أنها حركة شعبية بمعنى أنها ليست حركة حكومية رسمية، ولا حركة أرستقراطية، بل حركة انبثقت من أعماق لتعبر عن ضميره، وتتفاعل مع نبضه، وتتعايش مع جماهيره، لتنطق باسمهم، وتشد أزرهم في مطالبتهم بحقوقهم.
    ولقد حاولت القوى المعادية للحركة في الخارج، وعملائهم في الداخل، أن يعزلوا جماهير الشعب عن الحركة، بالتشويش والتشويه حينا، وبالتخويف والإرهاب حينا وبغير ذلك من الوسائل. ولكن الأخطر من هذا أن تعزل الحركة نفسها عن الشعب: استعلاء عليه، أو اتهاما له، أو تهوينا من شأنه، أو يأسا منه، أو انشغالا عنه، نعم هذا هو الخطر: أن تنسى الحركة موقعها من الشعب وموقع الشعب منها، وأن تنشغل عن هموم الجماهير ومتاعبها، وتتقوقع على نفسها، تكلم نفسها، وتسمع نفسها وبذلك تسجن الحركة ذاتها اختيارا في قفص العزلة عن الشعب . إنما تنجح الحركة حقا يوم تستطيع تحريك الشعب معها، وأن ينتصر لها ويغضب لغضبها، ويرضى برضاها، ويقدر مواقفها وجهودها، ويلعن خصومها. وأن تجعل همها اندماج الحركة في الشعب، بحيث تجري فيه كما يجري الدم في العروق والشعيرات، وتختلط به كما تختلط الروح بالجسد، أو النور بالعين، فلا يستطاع فصل الحركة عن الشعب، ولا عزل الشعب عن الحركة.
    وهذا لا يتم إلا يوم تتبنى الحركة هموم الناس وتنفعل بقضاياهم، وتفرح لفرحهم وتأسى لأساهم، وتشاركهم في سرائهم وضرائهم، ترقص معهم إذا طربوا، وتبكي معهم إذا حزنوا، وتثور معهم إذا ثاروا، فهي منهم، وهم منها، وهي لهم، وهم لها.

    التبصير بالحقائق لا التخدير بالأحلام:

    وإيماننا بالشعوب وقوة الجماهير لا يعني أن نضللها عن الحقائق المرة، وأن نخدرها بالأماني الفارغة. إن على دعاة الحركة ومفكريها أن يصارحوا الأمة بأمراضها، ولا يكتموها عنها، كما يفعل الناس في مجتمعاتنا مع ذوي الأمراض الخطيرة وأن يبصروا الشعوب بالحقائق وإن كانت مرة، لا أن يخدروها بالأحلام الوردية، دون أن يسلكوا لتحقيقها أي سبيل.
    لقد فرق علماء التربية الصوفية بين الرجاء والتمني، وقالوا: الرجاء ما قارنه عمل، وإلا فهو أمنية! والرجاء هو حافز المؤمنين، والأماني هي شغل الفارغين. والقرآن يقول لمن جعلوا الجنة حكرا عليهم، بلا إيمان ولا عمل: (تلك أمانيهم قل: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (البقرة:111). ويقول الإمام علي كرم الله وجهه لابنه الحسن: إياك والاتكال على المنى، فإنها بضائع النوكى (أي الحمقى)!
    ويقول الشاعر:
    ولا تكن عبد المنى، فالمنى رؤوس أموال المفاليس!
    إن الرجاء والأمل والشوق إلى غد أفضل هي الغذاء والوقود لأي حركة تعمل على تغيير الواقع المظلم إلى مستقبل مشرق. ولكن الأمل والرجاء غير الأماني، فالأماني قد تجتمع مع اليأس من الوصول إلى المراد، بخلاف الأمل والرجاء، فهما نقيض الناس والقنوط، يقول الشاعر:
    أعلل بالمنى قلبي، لعلي أسري بالأماني الهم عني وأعلم أن وصلك لا يرجى ولكن لا أقل من التمني!وكما يجب أن نبّصر الناس بمرارة الواقع، علينا أن نبصرهم بأخطار المستقبل، حتى يوطنوا أنفسهم على احتمال آلامه، ولا يتوهموا أنه ورد لا شوك فيه، وأن السماء ستمطر عليهم فيه سمنا وعسلا، دون أن تكدح منهم اليمين، و يعرق الجبين.
    هناك خطأ يجب التنبيه على تصحيحه في طرح الشعارات الإسلامية والحلول الإسلامية للجماهير الإسلامية. فحينما يتنادى الإسلاميون: الإسلام هو الحل، ولا صلاح لنا إلا بالإسلام، والإسلام هو سفينة الإنقاذ مما نتخبط فيه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وسياسية، يتصور جماهير الناس، أن مجرد رفع هذا الشعار، وتأييد أصحابه ودعاته في الانتخابات وحصولهم على عدد كبير من المقاعد..الخ.
    سيحل كل المشاكل المعلقة بعصا سحرية أو معجزة سماوية! وهنا يتعين على الإسلاميين ودعاتهم ومفكريهم أن يبينوا للناس بوضوح كاف: أن الإسلام يحل مشكلات الناس عن طريق الناس أنفسهم، وأن الله لا ينزل عليهم ملائكته تقوم عنهم بزراعة الأرض، أو بتنمية الثروة الحيوانية أو السمكية، أو بتقوية الصناعة، أو بتنشيط التجارة، أو بإقامة هياكل البنية الأساسية، أو بتجنيد طاقات الأمة للعمل المنتج، وصرفها عن العبث وتبديد القوى. إن الناس هم الذين يقومون بهذا كله وبغيره، مما تحتاج إليه الحياة الطيبة ويفتقر إليه المجتمع الصالح المعاصر، وتنشده الإنسانية الراشدة. لقد قال عمر بن الخطاب لمن قعدوا في المسجد متوكلين على الله: لا يقعدن أحدكم عن طلبه الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ؟ إن الله يقول: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل الله) (سورة الجمعة:10). إن القرآن قد قرر بجلاء، هذه السنة التي لا تتخلف: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) (سورة الرعد:11). وهذا هو المنطلق الأول: تغيير ما بالأنفس من مفاهيم مغلوطة، وأفكار ميتة فاسدة، وأخلاق مذمومة، وصفات مرذولة، إلى مفاهيم صحيحة، وأفكار حية وصالحة وأخلاق محمودة، وصفات طيبة. يجب أن يتهيأ الناس لحياة غير الحياة التي ألفوها: حياة إنتاج وعمل لا بطالة وكسل، حياة جد لا هزل، حياة تقشف لا ترف، حياة عدل لا محاباة، حياة عرق لا دعة، حياة إصرار لا استرخاء.

    تصحيح المفاهيم المغلوطة:

    ومن واجب الحركة ودعاتها: أن يصححوا المفاهيم الإسلامية المغلوطة عند جماهيرنا المسلمة، حتى تكون عامل بناء لا عامل هدم، وحافز تقدم لا داعي تخلف. لقد فهم كثير من المتدينين بعض القيم الدينية الكبيرة فهما مغلوطا، وذلك مثل قيم: الإيمان والتقوى والصلاح والاستقامة. فإذا قال القرآن: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف: 96). أو قال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا. ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: 2،3). أو قال: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) (الأنبياء: 105) أو قال: (ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) (الجن:16).
    إذا قال القرآن ذلك فهم هؤلاء أنه مجرد إقامة الشعائر من الصلاة والصيام والتسبيح، التهليل والتكبير، واجتناب المحرمات من الخمر والميسر، وهذا لا شك جزء أساسي من الدين، ولكنه ليس كل الدين، ولا كل الإيمان والتقوى. إن الله كما خلق الإنسان ليعبده (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) خلقه ليكون في الأرض خليفة يعمرها بالعلم والعمل (إني جاعل في الأرض خليفة) (البقرة:30) (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) (هود:61). معنى (استعمركم) أي طلب إليكم أن تعمروها. بل هذه العمارة نوع من العبادة.
    إن الإيمان والتقوى والصلاح والاستقامة توجب علينا أن نوازن بين ديننا ودنيانا وأن نتعبد الله بمراعاة سننه الكونية، وأن نعد لأعدائنا ما استطعنا من قوة وأن نغرس ونزرع ونصنع، ونقوم بكل علم أو صناعة تحتاج إليها الأمة فيدينها أو دنياها، وهو ما اعتبره فقهاء المسلمين فرض كفاية تأثم الأمة كلها بالتفريط فيه.
    إن التقوى المنشودة ليست مسبحة درويش، ولا عمامة متمشيخ، ولا زاوية متعبد. إنها علم وعمل، ودين ودنيا، وروح ومادة، وتخطيط وتنظيم، وتنمية وإنتاج، وإتقان وإحسان "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". إن النبي صلى الله عليه وسلم حث على إتقان أي عمل يمارسه المسلم، ولو كان قتل وزغة. ففي الحديث: "من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مئة حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة، (أي أقل من الأول ) ومن قتلها في الضربة الإتقان فله كذا وكذا حسنة" أي أقل من الثاني. الإتقان مطلوب في أي عمل ولو كان تافها في نظر الناس.
    إن الصحابة رضي الله عنهم لم يفهموا الدين على أنه رهبانية أو دروشة، ولم يفهموا الإيمان والتقوى على أنها انقطاع عن الحياة، أو انشغال عن تنميتها بالتفرغ للشعائ.
    إن عبد الرحمن بن عوف حين قابل إيثار أخيه في الإسلام سعد بن الربيع بالتعفف الكريم وقال قوله: "إنما أنا امرؤ تاجر، فدلوني على السوق" وتاجر وربح الملايين، لم يخرج عن دائرة الإيمان والتقوى، ولم يبعد عن زمرة المتقين، بل كان من العشرة المبشرين بالجنة، الذين توفى رسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وكان من الستة أصحابالشورى. إن المؤمنين المتقين هم الذي يأخذون بالأسباب، ويجتهدون، أن يكونوا دائما (أحسن عملاً) مسلحين بالتوكل على الله، معتصمين بمكارم الأخلاق. ولهذا يبارك الله جهودهم في الدنيا، ولا يضيع أجرهم في الآخرة.





    الحركة والطبقات العاملة

    وأقصد بالطبقات العاملة هنا: العمال الصناعيين والحرفيين ـ بمستوياتهم المختلفة الذين تتكون منهم اليوم ـ وخصوصا في المدن الكبرى ـ تجمعات ضخمة، وتقوم على أمورهم نقابات منظمة قادرة على أن تعطل سير الحياة اليومية إذا قررت الإضراب عن العمل طلبا الحق، أو احتجاجا على ظلم. والملاحظ أن الحركة الإسلامية محدودة الأثر في البيئة العمالية إلى اليوم، ولا زال اليساريون هم الأعلى صوتا، والأقوى تأثيرا، والأكثر نفوذا في فئاتها المختلفة ولا زالوا هم القادرين على تحريكها لحسابهم كلما أرادوا إلى حد بعيد. هذا برغم أن الحركة الإسلامية الأم ـ حركة الإخوان المسلمين بقيادة الإمام البّنا - رحمه الله ـ بدأت أول ما بدأت بمجموع من العمال المصريين في الإسماعيلية كانوا هم الذين بايعوه على نصرة الهدف الذي يدعو إليه. ورغم الامتداد الأفقي الواسع للحركة الإسلامية في صفوف الطلاب في أكثر البلاد الإسلامية: في مصر والسودان والأردن وتونس والجزائر وباكستان وغيرها.. نجد انكماشا في صفوف عمال الصناعة. وقد سجل ذلك الدكتور حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية في السودان في كتابه عن الحركة الإسلامية هناك، رغم نجاح الإخوة هناك في الدخول إلى مناطق شتى، بعضها أصبح خالصا لهم، وبعضها لهم فيه وجود راجح، وصوت عال.

    لماذا ضعف تأثير الحركة في المحيط العمالي:

    ولا أدري ما السر في عدم نفوذ الحركة الإسلامية إلى الجبهة العمالية؟ أهو ضعف الحاسة الدينية لدى الطبقة العاملة؟ وما الذي أضعفها لديهم وهم من صميم الشعب الذي يعتبر الدين لحمته وسداه؟ أم هو ضعف الوعي بحقيقة الإسلام ورسالته في الحياة، وتأثير الأفكار المستوردة عليهم؟ وهذا أيضا يحتاج إلى تفسير وتعليل. أم هو تقصير الحركة في تبني قضايا العمال، والوقوف بجانب مطالبهم العادلة تجاه القوى المستغلة لهم، والآكلة لجهودهم بغير حق، من رأسماليين جشعين أو حكام ظالمين؟ أم هو فضل نشاط الفئات اليسارية، وحسن تخطيطهم للتأثير في طبقات العمال وتبني حقوقهم، واستغلالهم بعد ذلك لخدمة مبادئهم الهدامة، وفلسفتهم المادية ؟ ولا سيما أن لديهم رصيدا غير محدود من الخبرة في ذلك، مع ما لديهم من مغريات ووسائل لا ترضاها الحركة الإسلامية. مهما تكن الأسباب فلا بد للحركة من مراجعة استراتيجيتها في ذلك، فالعمال جزء حيّ وهام من شعوبنا المسلمة، والإسلام لا زال هو العامل القوي لتحريك الجماهير بالإيمان، وخصوصا إذا وعت أن الإسلام أعظم دين يكرم العمل، وينصف العمال وقد اشتمل نظامه الاقتصادي والاجتماعي والقانوني على الرعاية المادية والأدبية للعمال، وصيانة حقوقهم، والوقوف بجانبهم ضد من يظلمهم، أو يستغل جهودهم، ويأكل عرقهم، كما يعمل هذا النظام على توفير العمل لكل عاطل، والضمان الاجتماعي لكل عاجز حقيقة أو حكما.

    الفرصة اليوم مواتية :

    ولعل مما يساعد الحركة الإسلامية على النجاح في الأوساط العمالية: ما منيت به الشيوعية ـ فلسفة ونظاما ـ من إخفاق، انهارت معه الأنظمة الدكتاتورية في أوروبا الشرقية، فقد ثار العمال أنفسهم على الدكتاتوريات التي قامت باسمهم، وأسقطوا الحكومات التي طالما تاجرت بقضايا العمال ومطالبهم، حتى دولة الاشتراكية الأم (الاتحاد السوفيتي) اتخذت سياسة جديدة تعيد النظر أو تعيد البناء وفق فلسفة (البرويسترويكا).
    إن الأنظمة اشتراكية الماركسية التي قامت على سواعد العمال وأقيمت من أجلهم لم تحقق لهم السعادة التي كانوا يصبون إليها، والتي ثاروا على الأنظمة الإقطاعية والرأسمالية من أجلها. بل الثابت أن العمال في الأنظمة الحرة أحسن حالا، وأروح بالا، من الأنظمة الشيوعية. وحسبنا مثلاً بارزا على ذلك الألمانيتان: الغربية والشرقية، ووضع العمال في كل منهما. أن الناس في الشرقية يشعرون أنهم في سجن كبير، فما أن أتيحت لهم فرصة الذهاب إلى الغربية حتى زحفوا بمئات الألوف. إن هذا وحده برهان معبر لا يفتقر إلى تعليق.





    الحركة ورجال المال والأعمال

    ومن المجالات التي يجب على الصحوة أن تغزوها وتؤثر فيها: مجال التجار ورجال المال والأعمال. فهؤلاء يعيشون ـ إلا من عصم ربك ـ في عالم المادة والأرقام، وحساب الأرباح والخسائر، ودنيا المنافسة والاحتكار والسيطرة على السوق. وهذه العقلية كثيرا ما تنسي صاحبها قيود الحلال والحرام، وكثيرا ما تذهله عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة... ولهذا اهتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بتوجيههم وإرشادهم وتحذيرهم من الرذائل الموبقة للتجار. فحذرهم من الغش (من غش فليس منا). وحذرهم من الاحتكار (من احتكر فهو خاطئ) أي آثم.
    وحذرهم من كثرة الحلف، وذم كل تاجر (جعل الله بضاعة، فلا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه). وحذر من اليمين الكاذبة (إنها منفقة للسلعة، ممحقة للبركة). وحذر من الربا (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه). وحذر من الغرر مما فيه جهالة تفضي إلى النزاع، فنهى عن بيع الغرر. كما حذر القرآن من التطفيف في الكيل والميزان (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين).
    كما مدح القرآن التجار الذين لا تشغلهم أموالهم ولا تجارتهم وأرباحهم عن واجبهم نحو الله تعالى وفرائضه، فقال في رواد المساجد (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) (سورة النور: آية:36،37). إن التجار ورجال الأعمال، في أيديهم قسم كبير من ثروة الأمة، وهم يتحكمون في حاجيات الناس وأسعارها، وهم يؤثرون على اقتصادها وسياستها المالية. ولهذا يلزم أن يعرفوا ما يحل لهم، وما يحرم عليهم، وما يجب عليهم في أموالهم من زكاة وحقوق بعد الزكاة. لا يجوز النظر إلى التجار على اعتبار أنهم قوم ميئوس منهم، وأنهم خارج نطاق الصحوة، وأن همهم الدنيا ومتاعها.
    فالتجار بشر من الناس يؤثر فيهم ـ كما يؤثر في غيرهم ـ النصح والترغيب والترهيب، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وحسن الاتصال الصبور بهم. وفي فجر الدعوة المحمدية، رأينا من التجار من آمن بالله ورسوله، وناصر رسالة التوحيد، وإن عرّضت تجارته وماله كله للضياع. عرفنا منهم أبا بكر الصديق، وعثمان ذا النورين، وعبد الرحمن بن عوف، وهم ممن يعرف المسلمون سبقاً وفضلاً فهم من السابقين الأولين، ومن العشرة المبشرين بالجنة . وقد اضطرتهم الهجرة إلى المدينة، أن يخرجوا من ديارهم، وأموالهم، يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، وينصرون الله ورسوله، فرحبوا بذلك، ورضوا به في سبيل الله. وفي عصرنا رأينا الكثير من التجار المؤمنين الذي آثروا آخرتهم على دنياهم، وبذلوا لنصرة دينهم طائعين مختارين، ولم يبخلوا بما آتاهم الله من فضله، واعتبروا أنفسهم وأموالهم ملكاً للدعوة الإسلامية، والحركة الإسلامية.
    وإذا كان رجال المال في الغرب المسيحي يمدّون مؤسسات التنصير في العالم بالوقود اللازم من التبرعات التي تبلغ آلاف الملايين، ومثلهم رجال المال اليهود الذين بذلوا بسخاء قبل قيام إسرائيل وبعدها،- برغم ما عرف من شح اليهود وعبادتهم للمال- فإن رجال المال المسلمين لن يكونوا أقل منهم, وقل علموا ن المال مال الله، وأنهم مستخلفون فيه وأنهم مطالبون بالجهاد بأموالهم في سبيل الله، وأن ما أنفقوا من شيء في سبيل الله يوفى إليهم، ويخلفه الله عليهم. وهنا نقطة مهمة في ميدان البذل والعطاء المادي يجب أن ننبه عليها. فأنا أعلم أن بين أرباب المال واليسار من المسلمين كثيرين من أهل الدين والاستقامة الراغبين في الخير والراجين لمثوبة الله يجودون ويتصدقون بالكثير، ويبسطون أيديهم بالعطاء، لكنهم في حاجة إلى أن يعرفوا أين ينفقون. فإن من الأمور الهامة المطلوبة في ميدان العمل الإسلامي، والبذل الإسلامي: أن يدرك أصحاب المال أن المهم ليس إنفاق المال، إنما المهم أين تنفقه؟ ومن المهم جداً في هذا المجال ترتيب الأولويات، وتقديم الأهم على المهم والمهم على غير المهم.
    فمن المؤسف حقا أن ترى الجمهور الأعظم من أثرياء المسلمين، وبخاصة أهل الخير منهم، يولون أكبر الاهتمام إلى بناء المساجد، وما يشبهها من المؤسسات الدينية المحض. وهذا ما شكا منه الكثيرون ممن يعملون في حقل الدعوة، وفي ميادين العمل الإسلامي. شكا منه الإخوة في منظمة الدعوة الإسلامية في إفريقيا.. وشكا منه الأخ الكبير الدكتور محمد ناصر وإخوانه في المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية في أندونيسيا.. وشكا منه الإخوة الذين يعملون في الحركة الإسلامية في مجالات الدعوة والتوعية والتربية والمواجهة مع الأفكار والحركات العلمانية والماركسية وغيرها. مع أن هناك - بإجماع الخبراء والمخلصين- بناء أهم من بناء المسجد، ألا وهو بناء الإنسان. بناء الرجال، الذين عليهم تقوم النهضات، وبهم تنتصر الرسالات، وبجهودهم وإخلاصهم تتحقق الآمال، وبهم تعمر المساجد،.وتنهض المؤسسات. إن إقامة مركز للدعوة إلى الإسلام، وتوعية المسلمين، ونشر الفكر الاسلامي الصحيح بين شبابهم، والعمل على تصحيح عقائدهم، وتقويم أخلاقهم, وغرس معاني الاعتزاز بالإسلام، والحب له، والغيرة عليه، في صدورهم، وإيجاد الوسائل المتنوعة لتحقيق هذه الغاية، من رحلات ومخيمات وحلقات, ومحاضرات، وغيرها كل ذلك من أوجب الأعمال التي تقرب إلى الله، و تخدم الإسلام، وإنفاق المال فيها من أول المطلوبات، ومن أعظم القربات.
    إن إعداد دعوة ومربين قادرين على العطاء، فاهمين لدينهم، وفاهمين لدنياهم،و تفريغهم لأداء هذه المهمة، وإعانتهم عليها بكل سبيل، لهو مما يأثم المسلمون بالتفريط فيه، ويؤجرون عن الله، ويحمدون عند الناس بالمسارعة عند إليه، وبذل المال والوقت والجهل في تحقيقه وإنفاذه.





    الحركة والعمل النسوي

    لقد اهتمت الحركة الإسلامية بالمرة منذ فجر الدعوة، وأنشأ الإمام حسن البنا (قسم الأخوات المسلمات ) ليقوم بدوره في نشر الفكرة بين المسلمات، وتربية جيل منهن يحمل العبء مع الرجال من (الإخوان المسلمين ) في التمكين لدين الله في الأرض. وقد قام القسم بدوره إلى حد لا بأس به، وكان للأخوات نصيبهن في أيام المحن، وخصوصاً في رعاية أسر المسجونين والمعتقلين وإيصال المعونات إليها، على ما في ذلك من خطر يتهددهن من رجال (المباحث )، ومنهن من قاست ما قاست في سبيل الله مثل الأخت زينب الغزالي.

    قصور العمل الإسلامي النسوي عن المستوى المنشود:

    ولكن يجب أن نعترف بأن العمل النسائي لم يبلغ إلى المستوى الذي ينبغي أن يصل إليه، وإن انتشرت الدعوة ص النساء، ولا سيما الطالبات في الجامعات والثانويات. فلم تظهر إلى اليوم- برغم مرور ستين عاما على الحركة- قيادات إسلامية نسائية قادرة -وحدها- على مواجهة التيارات العلمانية والماركسية بكفاية واقتدار. وذلك لأن الرجال يحاولون دائماً أن يسيطروا على توجيه النساء, ولا يدعون لهن الفرصة الكافية للتعبير عن أنفسهن، وبروز المواهب والقدرات النسائية الخاصة لتقود العمل بمعزل عن تحكم الرجال.

    متى ينجح العمل الإسلامي في مجال المرأة :

    ورأيي أن العمل الإسلامي النسوي إنما ينجح ويثبت وجوده في الساحة يوم يفرز زعامات نسائية إسلامية, في ميادين الدعوة والفكر, والعلم والأدب والتربية. وما أحسب هذا بالأمر المتعسر و المتعذر، ففي الأخوات نوابغ وعبقريات مثل الرجال، وليس النبوغ من صفات الذكور وحدهم, وليس عبثًا أن يقص علينا القرآن قصة إمرة قادت الرجال بحكمة وشجاعة، انتهت بقومها إلى أفضل عاقبة، وتلك هي ملكة سبأ التي حدثتنا عنها سورة النمل في قصتها مع سليمان عليه السلام. وقد رأيت في جامعة قطر البنات أكثر تفوقاً من البنين, وهذا ما لاحظه غيري من أساتذة الجامعة, وبخاصة أن البنات أكثر تفرغاً للعلم من الذكور الذين تشغلهم أشياء كثيرة, وعندهم سياراتهم التي يستقلونها ليذهبوا بها هنا وهناك.

    تسرب الأفكار المتشددة إلى هذا المجال:

    وأود أن أقول هنا بصراحة: إن العمل الإسلامي قد تسربت إليه أفكار متشددة غدت هي التي تحكم العلاقة بين الرجال والنساء, وتأخذ بأشد الأقوال تضييقاً في هذه المسألة. وهذا ما لاحظته في كثير من المؤتمرات والندوات, حتى في أوروبا وأمريكا ففي أواسط السبعينات ظللت أحضر لعدة سنوات المؤتمرات السنوية لاتحاد الطلبة المسلمين بالولايات المتحدة وكندا، وكان يحضر الإخوة والأخوات، ويشهد الجميع المحاضرات والندوات العامة, ويسمعن التعليقات والأسئلة والأجوبة والمناقشات حول القضايا الإسلامية الكبيرة: فكرية وعلمية واجتماعية وتربوية وسياسية إلا حلقات فقهية خاصة تعقد للنساء للإجابة عن تساؤلات محاصة عندهن. ولكني في الثمانينات حضرت عددأ من المؤتمرات في أمريكا وأوروبا, فوجدت فصلاً تاما بين الجنسين, ووجدت الأخوات يحرمن من قسم كبير ومهم من المحاضرات والمناقشات والندوات التي تعقد عند الرجال, وقد شكا إلي بعض الأخوات مللهن من المحاضرات التي تدور كلها حول قضايا المرأة وحقوقها وواجباتها ومكانتها في الإسلام، وهي قضايا تكررت حتى صبح الحضور لسماعها كأنه عقوبة!! وقد أنكرت هذا في أكثر من مؤتمر حضرته, وقلت: إن الأصل في العبادة ودروس العلم هو الاشتراك, ولم يعرف في تاريخ الإسلام مجد للنساء وحدهن مستقلاً عن الرجال.
    وقد كان النساء يشهدن الدروس النبوية- كما يشهدن الجمعة والجماعة والعيدين- مع الرجال، ويسألن في أخص الأمور المتعلقة بالمرأة, ولم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين, كما قالت عائشة رضي الله عنها. وكتب السنة حافلة بكثير من الأسئلة التي وجهت من النساء إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-, ومنهن من سألت نفسها ومنهن من سألت باسم بنات جنسها، قائلة: أنا وافدة النساء لم إليك يا رسول الله. وقد طلبن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل لهن يوما خاصاً, ينفردن به دون الرجال, ليكون لهن فسحة من الوقت والحرية, ليسألن عما يشأن دون حرج من آبائهن و إخوانهن أو أزواجهن, و غيرهم من الرجال. وهذه مزيّة أضيفت لهن إلى جنب الدروس العامة التي يشتركن فيها مع الرجال.

    مشكلة العمل الإسلامي النسوي وكيف تحل:

    مشكلة العمل الإسلامي النسوي: أن الرجال هم الذين يقودونه, ويوجهون ويحرصون على أن يظل زمامه بأيديهم فلا يدعون فرصة للزهرات أن تتفح ولا للقيادات أن تبرز، لأنهم يفرضون أنفسهم فرضاً, حتى على الاجتماعات النسوية, مستغلين حياء الفتيات المسلمات الملتزمات, فيكتمون أنفاسهن ولا يتيحون لهن قيادة أمورهن بأنفسهن, فتبرز منهن مواهب يفرزها العمل وتصهرها الحركة، وتنضجها التجربة والكفاح، وتتعلم من مدرسة الحياة والممارسة بما فيها من خطأ وصواب.
    كما أن الأخوات المسلمات لا يعفين من بعض التبعة, فقد استسلمن لهذا الوضع, ورضين بحياة الدعة والسكونـ وأن يفكر لهن الرجال بدل ن يفكرن لأنفسهن, وينبغي أن يأخذن زمام المبادرة، ويفتحن ميادين الدعوة والعمل، ويخرسن الأصوات النسويّة الغريبة الدخيلة على عقائد هذه الأمة وقيمها وشرائعها, وهي أصوات عالية, وإن لم تمثل إلا قلة مسحوقة لا وزن لها في دين ولا دنيا؟. حضرت في العام الماضي في حي جامعي للطالبات في الجزائر العاصمة لإلقاء محاضرة عليهن, وفتح باب الحوار- كما هي العادة - والرد على ما يقدمنه

    -من اسئلة تحريرية وشفهية، وكان بعض الشباب حاضراً فبدأ هو يتلقى الأسئلة ويفرزها، فيأخذ منها ويدع، فقلت معترضا: لماذا لا تقوم بها إحدى الطالبات: نيابة عن زميلاتها؟ لماذا (تحشرون ) أنفسكم أيها الرجال في أمر النساء؟ ارفعوا أيديكم عن الأخوات, ودعوهن يتصرفن كما يحلوا لهن، يستقبلن الأسئلة ويخترن منها المناسب في تقديرهن, و تقوم إحداهن بقراءتها.
    وكأني بهذه الكلمة أزحت هماً ثقيلا عن صدور الفتيات المؤمنات فتنفسن الصعداء, و تقدمت إحداهن لتقوم بالدور الذي كان يقوم به أحد الإخوة المرافقين لي.
    وقد حدث مثل هذا في شتاء هذا العام في مدينة مانشستر في بريطانيا حيث عقد مؤتمر الطلبة المسلمين هناك, فقد كانت لي محاضرة للأخوات, وأسئلة بعد المحاضرة ، تولى استقبالها وفرزها وتنظيمها أحد الشباب الطيبين, ولكني قلت للأخ بصراحة: إن وجودك هنا لا مبرر له, وكان الأولى أن تقوم إحدى الأخوات بهذا الأمر،وهن أحق به وأولى، ولكن الأخ الصالح قال: لم نه مكلف بهذا العمل حسب النظام, ولا يستطيع التخلي عنه, وهو معذور حقا. وشيء آخر شكا إليّ منه كثير من الأخوات في مصر وفي الجزائر, وهو أن الأخت الداعية النشيطة المتحركة, قبل الزواج, بعد أن تتزوج أخاًُ ملتزما ممن عرفته عن طريق الدعوة , يفرض عليها العزلة، ويمسكها في البيت, ويحرمها من المشاركة في الحركة, ويطفىء تلك الشعلة التي كانت تضيء الطريق لبنات الإسلام. حتى كتبت إلي فتاة جزائرية تعمل في حقل الدعوة, تسألني: هل يحرم عليها أن تضرب عن الزواج وترفضه من حيث المبدأ, حتى لا ينتهي بها الأمر، كما انتهى بأخوات لها، إلى حياة الخمود والكسل والبعد عن ميدان الحركة والعمل, في حين تعمل الشيوعيات والعلمانيات والمنحلات ؟ !

    اعتراض وجوابه:

    سيقول المتشددون: كيف تطلبون من المرأة المسلمة أن يكون لها دور بارز في الحركة الإسلامية, وأن تتحرك وتقود وتثبت وجودها في موكب العمل الإسلامي الزاحف؟ وهي مأمورة بالقرار في بيتها بنص القرآن الكريمSad وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) (الأحزاب : 33). وجوابي لهؤلاء الإخوة الغيورين: أن ا'ية خطاب لنساء النبي, وهؤلاء لهن من الخصوصية ما ليس لغيرهن، وعليهن من التغليظ ما ليس على سائر النساء, وقد قال تعالى في خطابهن: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ) (الأحزاب : 72). ومع هذا لم تمنع هذه الآية عائشة أم المؤمنين من الخروج في معركة الجمل، تطالب بما تعتقده حقا في شؤون السياسة، ومعها من كبار الصحابة رجلان رشحا لخلافة، وهما من العشرة المبشرين بالجنة. وما روي من ندمها على هذا الموقف, فليس لأن خروجها من بيتها لم يكن مشروعا, بل لأن رأيها في السياسة جانبه التوفيق, غفر الله لها ورضي عنها.
    على أننا لو أخذنا بري من يقول: إ ن الآية لعموم النساء, فإنها لا تعني لم إمساكهن في البيوت لا يخرجن منها, فإن هذا الإمساك ذكره القرآن عقوبة لمن ترتكب الفاحشة، ويشهد عليها الشهود الأربعة، وذلك قبل استقرار التشريع على الحد المذكور في القرآن والسنة، قال تعالىSad واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً)(النساء: 15). ثم إن قوله تعالى في الآية: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) يدل على مشروعية الخروج المحتشم غير المتبرج, فالمرأة لا تنهى عن التبرج داخل بيتها، فإن لها أن تلبس وتتزين فيه ما شاءت. إنما تنهى عنه إذا خرجت لم إلى الطريق و السوق و غير ذلك مما هو مظنة التبرج






    avatar
    Admin
    Admin


    ذكر عدد المساهمات : 80
    تاريخ التسجيل : 19/08/2010
    العمر : 39
    الموقع : شبرا الخيمة قليوبية

    الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام  Empty رد: الحركة الإسلامية في مجال الدعوة والتثقيف العام

    مُساهمة من طرف Admin السبت سبتمبر 04, 2010 12:33 am

    الله عليك ياعمى ايه الحلاوة دى

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 10:29 am